عام

“مكتبة كفر شبين.. مشروع ثقافي أشعل معركة الأولويات بين الأهالي والمسؤولين”

كتب:  رشا حجاج

قبل أيام قليلة، شهدت قرية كفر شبين بمركز شبين القناطر في القليوبية افتتاح مكتبة مصر العامة، بحضور المحافظ المهندس أيمن محمد إبراهيم عطية والسفير رضا الطايفي مدير صندوق مكتبات مصر العامة. المناسبة جاءت وسط أجواء احتفالية، ووعود بأن تصبح المكتبة منارة للثقافة ومعلمًا جديدًا لأبناء القرية.

لكن ما إن انتهى الحفل حتى ظهرت على السطح ملامح جدل واسع بين الأهالي. ففي الوقت الذي أكد فيه المسؤولون أن المكتبة ستفتح آفاقًا جديدة للعلم والمعرفة، خرجت أصوات شعبية ترى أن المشروع جاء في غير أوانه. أحد الشباب على أحد المقاهي قال ساخرًا: “هو في حد هيسيب شغله أو قهوته ويدخل المكتبة؟”، بينما علّقت سيدة من القرية قائلة: “لو حصل حريق أو أزمة مين هينقذنا.. الكتاب ولا المطافي؟”. كبار السن أيضًا كان لهم رأي صريح: “إحنا محتاجين خدمات، مش رفاهية.”

الواقع الذي يستند إليه هؤلاء لا يخلو من منطق. فالمطافئ تبعد أكثر من عشرين دقيقة، والإسعاف قد تتأخر نصف ساعة أو أكثر، وهي دقائق قد تكون كفيلة بتحديد مصير حياة أي شخص. لذلك بدا أن المكتبة فتحت بابًا أوسع للنقاش حول ترتيب أولويات التنمية داخل القرى.

في المقابل، دافع مسؤولو المحافظة عن المشروع، موضحين أن التمويل مخصص للثقافة ولا يمكن تحويله إلى مجالات أخرى. أحدهم قال بثقة: “إحنا مش بنختار بين مكتبة وإسعاف، دي مخصصات مختلفة، والقرية من حقها يكون ليها نصيب من الثقافة زي ما ليها نصيب من الخدمات.”

ورغم الغضب الذي ظهر بوضوح في أحاديث الشارع، لم تخلُ القرية من أصوات رحبت بالفكرة. إحدى الأمهات قالت: “أهو أولادنا بدل ما يقعدوا طول اليوم على الموبايل أو يضيعوا وقتهم في الشارع، ممكن يروحوا المكتبة ويستفيدوا.” شاب آخر أكد أن المشروع مش بالضرورة يتعارض مع مطالب الناس، مضيفًا: “المكتبة ممكن تكون فرصة للشباب بدل القهوة، ومكان نعمل فيه أنشطة وورش.” أما إحدى المدرسات فرأت أن وجود المكتبة قد يساعد الطلاب على تحسين مستواهم قائلة: “لو استغليناها صح، هتفرق جدًا مع الأجيال الجديدة.”

الانقسام لم يبقَ داخل القرية فقط، بل وصل إلى منصات التواصل الاجتماعي. أحد أبناء كفر شبين كتب على “فيسبوك”: “لو تم استغلال موقع المجلس القديم لبناء نقطة مطافي وإسعاف وشرطة، كان هيبقى مشروع يخدم الناس بجد. لكن الأيادي الخفية حوّلته لمكتبة.” وعلى الجانب الآخر، رد آخرون على المنشور مؤكدين أن المعرفة هي أساس بناء الإنسان، وأن القرية من حقها أن تدخل عصر الثقافة كما تدخل عصر الخدمات.

وبين كتاب ينتظر قارئًا ومريض ينتظر سيارة إسعاف، يبقى السؤال معلقًا: هل يمكن أن تنجح مشروعات الثقافة وسط واقع عطشان للخدمات الأساسية؟

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى